يوميات معلم: الجزء الثالث ...دفنت حيا في قفار إقليم فجيج


بقلم: ذ. زكرياء لوكيلي

دفنت حيا في قفار إقليم فجيج،فقدت هناك الكثير،صحتي،شبابي،براءتي...بعد القرعة في مدخل المركزية بيني و بين رفاقي أسفرت نتائجها عن مغادرتي وحيدا تاركا زملائي و في نفسي غصة و حسرة و خوف من المجهول رغم تطمينات المدير،كنت مرتابا من الأمر كله،تساءلت في منولوج داخلي هل أنا"مسخوط الوالدين" أولا التعيين في إقليم فجيج ثم المنفى وحيدا في أغمات!!،و أنا الذي لم أخبر الحياة بعد و ليست لي تجربة العيش وحيدا معتمدا على نفسي..تساؤلات كثيرة تمزق الصمت داخل سيارة السيد المدير،سأعيش وحيدا !! سأطهو طعامي و أغسل لباسي و.....كل هذا وحدي !!!.
حقا إنما الصبر ساعة...صبرت على كل شيء وحيدا منفيا هناك وسط قوم لا يفقهون قولي لكن من أكرم خلق الله،عشت بينهم كفرد منهم حاضرا في كل المناسبات رفقة الإمام و ممرض القرية الذي سيصبحي صديقي و صاحبي و أنيسي في وحدتي وله يعود الفضل في استمراري صامدا هناك وسط الثلوج و الزمهرير.
تقاسمت جحرا يشبه البيت مع الفئران التي لم تترك ركنا إلا وحفرته حفرا ههه كنت أرقبها تتجول حولي بشيء من الخوف بادئ الأمر،كنت خائفا أن تعضني و أنا نائم هههه لكن سرعان ما تحول خوفي إلى طمأنينة فقد وجدت من يشاركني مسكني و يؤنسني إلى الحد الذي جعلني أحدثها حديثا ذا شجون كأني أحدث شخصا عاقلا معي،ربما كان هذا ارهاصا للجنون،من يدري ؟!
الأيام تمضي كالسنون فقدت معها طعم الوقت من شدة الروتين اليومي،لا شيء هناك سوى الحجر و البؤس و الفقر،..تساءلت مرارا وأنا أروح و أجيء مع السيد محند أوحماد صاحب الشاحنة التي كنا نركبها مكدسين في مواجهة الريح و البرد القارس،كنت أتساءل مالذي يجعل هؤلاء البؤساء لا يغادرون المكان نهائيا؟! كهوف بأبواب خشبية مهترئة جعلت مساكن و خيام مترامية هنا و هناك يتقاسمها أصحابها مع أغنامهم و كلابهم ؟! لا شيء هناك سوى البؤس.....
إنه المغرب المنسي المغرب الحقيقي بلا ماكياج و لا أقنعة و لا مهرجانات صيفية.....
الجزء الرابع من هنا

ليست هناك تعليقات