يوميات معلم: الجزء السادس...طرائف و غرائب.


بقلم: ذ. زكرياء لوكيلي
تسرح بي الذاكرة من جديد كرونولوجيا متسارعة وتحملني لمنطقة "تعكوتين" القريبة من قرية أغمات التي حللت بها ضيفا على أحد سكانها....أنزلني من الشاحنة قسرا ولم يقبل الأعذار التي قدمتها،نزلت هناك تحت الترحيب الكبير و الحفاوة التي لا مثيل لها...تجاذبنا أطراف الحديث كثيرا لكون الرجل يتقن الدارجة أو مايشبهها،تواصلنا بشكل حسن...أول مرة ألبي فيها دعوة أحدهم قبل التعود لأصبح كثير التجوال بين المضارب رفقة "الفقيه" وزميلي الممرض السي عبد الحق رجل بألف، طيب إلى أقصى حد...المهم،أعدت لنا زوجة مضيفي طبق دجاج مع المرق و البطاطس،تحلقنا حول المائدة،الجو بارد يغري بالتهام الطبق كله ههه شرعنا في الأكل،لأصدم بتصرف غريب سأتعود عليه فيما بعد ...نادى الرجل أحد أبنائه ليحضر له طبقا فارغا ليضع فيه اللحم ويترك البطاطس تسبح كسفينة تائهة في بحر من المرق !؟!! هل ندم على دعوته لي ؟! لم أفهم ....لم أعر الأمر اهتماما واصلت الأكل،بعدها قام بقسيم اللحم لأجزاء صغيرة وزعها علينا، حينها فهمت أنها عادة عندهم ....بدأت أكتشف العادات و التقاليد هناك خطوة بخطوة،لقد كان عالما مخالفا لكل التصورات و التمثلات المتراكمة في داخلي...
استأذنت بالانصراف متحججا بالتحضير لدروس المتعلمين لأن الوقت كان متأخرا....ظلمة حالكة في الخارج !!! تفارقنا على نباح الكلاب بعد أن منحني مصباحا يدويا يكاد ينطفئ،سارعت الخطى لأصل جحري الدافئ فقد اشتقت لفئراني و أقلامي....صمت مطبق إلا من نباح الكلاب،كان القرآن رفيقي أحمله في جيب سترتي أينما ارتحلت لا يفارقني،جعلته حرزا منيعا،يكفي أن جحري الصغير "خرجت فيه ثلاث سلكات"....بخطى سريعة تبوح بخوفي انطلقت،فجأة سمعت صوت أحد ما يلحق بي بسرعة!!خففت من سرعتي لتخف الخطى التي تتبعني،زدت من سرعتي فزادت سرعة الخطى خلفي !!! انتابني الفزع وسط الفراغ و الظلام الحالك، بدأت قرأة سورة البقرة بصوت خافت "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه....."،توقفت بشكل مباغت لأرى من يتبعني،عدت للوراء بشجاعة لا أدري منبعها،اقتربت من ذلك الذي يتبعني تحققت من وجهه بضوء المصباح قائلا : السلام عليكم ! وجه غريب بأسنان بارزة طويلة و أذنين بشكل غريب طويلتين!!! رد علي بأنين"مممم" ثم تركته وتابعت طريقي لأسمع صوته وقد ارتمى إلى داخل أحد الوديان المجاورة ....زدت من سرعتي وشفتاي تتمتمان بالقرأن الكريم،.....لم يرتح لي بال حتى تراءت لي مصابيح المنازل في أغمات كأنها طوق نجاة... الحمد لله على كل حال، وصلت البيت لكن بعد هروب ماراطوني من الكلاب التي وجدتها في استقبالي بمدخل القرية.....المعلم مكايديرش خدمتو......
الجزء السابع من هنا

ليست هناك تعليقات